مجلة الوعي العدد 211

إنَّ «الزمن» كلمة تدَّخر في حروفها أبعاداً كثيرة، ولطالما خاض الفلاسفة في هذا العالم المجهول، فزادوه جهالة، وصرفوا الأذهان عن التدبّر الحسّي في كُنهِ الزمان، إلى سفسطة خيالية، وخاضوا في الماورائيات، دون امتلاك السلاح الذي يخوّلهم خوض هذه المعركة. وكما أقلق الزمان الفلاسفة، استبدّ بأقلام الأدباء، فسخّرهم للكتابة عنه، وهم الذين في كل وادٍ يهيمون، وإذا قصدوا البحر انقلبوا وهم عطِشون.

والحَقُّ أن الزمان يكتنز في أغواره الكثير الكثير من ثمار المعرفة، وأعني هنا الماضي قريبه وبعيده، فالذي يرغب في أن يقفز إلى الأمام قفزةً هائلةً، لا يملك إلا أن يعود القهقرى خطوات واثقة تكون مرتكزاً لقفزته. وهكذا لا تنبع دراسة الماضي - أياً تكن هذه الدراسة - إلا من رغبة جادة في اختراق حُجُب المستقبل، أو استشراف ما فيه، أو الإعداد له.

0 commentaires:

إرسال تعليق

 
Top