مجلة الوعي العدد 207


هذا المفهوم يقصد منه حصر الجهاد في الدفع دون الطلب وهو يتعارض مع آيات التوبة التي تفرض القتال دفعاً وطلباً ولم يرد ما ينسخها أو يخصصها أو يقيّد مطلقها، كما أنه يعارض إجماع الصحابة في فتوح البلدان التي لم تتعرّض للمسلمين بأي عدوان، ويتعارض أيضاً مع فعل الرسول عليه الصلاة و السلام  في قتال المشركين وأهل الكتاب دون أن يقاتلوه، وهذا التعارض الأخير هو ما نبيّنه هنا والأدلة على أنه عليه الصلاة و السلام  بدأ المشركين وأهل الكتاب بالقتال هي ما يلي:


أولاً: أخرج الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط مسلم، عن جندب بن مكيث رضي اللَّه عنه، قال: بعث رسول اللَّه عليه الصلاة و السلام  عبد اللَّه بن غالب الليثي، في سرية، وكنت فيهم، وأمرهم أن يشنوا الغارة على بني الملوح بالكديد، «قال ابن سعد: وهم من بني ليث، في صفر سنة ثمان». وبالاستقراء يعلم أن بني ليث، ومنهم بني الملوح، لم يعتدوا على المسلمين، ولا أعانوا عليهم، فيثبت بهذا أن رسول اللَّه عليه الصلاة و السلام  هو الذي بدأهم بالقتال.



ثانياً: ابن سعد في الطبقات: سرية عيينية بن حصن الفزاري إلى بني تميم في محرم سنة تسع..... فهجم عليهم في صحراء..... وهذا بدء لبني تميم بالقتال.



ثالثاً: أحمد في مسائله، وابن سعد في الطبقات: سرية قطبة بن عامر إلى خثعم، بناحية بيشة، قريباً من تربة، في صفر سنة تسع... بناحية تبالة، وأمره أن يشنّ الغارة عليهم.....



رابعاً: الذهبي في التاريخ، وابن سعد في الطبقات، وابن حجر في الفتح والإصابة: سرية علقمة بن مجزز المدلجي إلى الحبشة في ربيع الآخر سنة تسع: بلغ رسول اللَّه عليه الصلاة و السلام  أن ناساً من الحبشة تراياهم أهل جدة ‑ وقال ابن حجر في الفتح تراءاهم ‑ فبعث إليهم علقمة بن مجزز في ثلاثمائة، فانتهى إلى جزيرة في البحر، وقد خاض إليهم البحر فهربوا منه. وقال ابن حجر في الإصابة: وذكر الواقدي أن هذه السرية كانت إلى ناس من الحبشة، بساحل يقال له الشعيبة.



خامساً: ابن حبان في الثقات، وابن سعد في الطبقات، وأحمد في مسائله: سرية علي بن أبي طالب إلى الفُلس: قال ابن حبان: وبعث رسول اللَّه عليه الصلاة و السلام علي بن أبي طالب، سرية إلى الفُلس من بلاد طيء في ربيع، فأغار عليهم، وسبى منهم نساء فيهن أخت عدي. وقال ابن سعد: سرية علي بن أبي طالب إلى الفُلس صنم طيء ليهدمه في ربيع الآخر سنة تسع... فشنّوا الغارة على محلة آل حاتم مع الفجر، فهدموا الفُلس وخربوه وملأوا أيديهم من السبي والنعم والشاء، وفي السبي أخت عدي بن حاتم.



سادساً: ابن سعد في الطبقات: سرية خالد إلى بني عبد المدان بنجران في ربيع الأول سنة عشر؟ وذكرها أحمد في مسائله.



سابعاً: البخاري ومسلم عن جرير بن عبد اللَّه البجلي قال: قال لي رسول اللَّه عليه الصلاة و السلام  : ألا تريحني من ذي الخلصة؟ وكان بيتاً في خثعم يسمى كعبة اليمانية... وفي رواية متفق عليها: وقتلنا من وجدنا عنده. قال ابن سعد: قدم جرير سنة عشر أي أن غزوة ذي الخلصة كانت سنة عشر.



وبهذا يثبت أن رسول اللَّه عليه الصلاة و السلام  كان أحياناً يبدأ الكفار بالقتال وليس كما يقال إنه عليه الصلاة و السلام  لم يبدأهم بقتالٍ قط

0 commentaires:

إرسال تعليق

 
Top