الكاتب: تقي الدين النبهاني
يتجاوز الكثيرون من الناس فيطلقون على جميع أنظمة الحياة اسم " النظام الاجتماعي " وهذا إطلاق خاطئ . لأن أنظمة الحياة أولى أن يطلق عليها " أنظمة المجتمع " ، إذ هي في حقيقتها أنظمة المجتمع ، لأنها تنظم العلاقات التي تقوم بين الناس الذين يعيشون في مجتمع معين ، بغض النظر عن اجتماعهم أو تفرقهم . والاجتماع لا يلاحظ فيها وإنما تلاحظ العلاقات فحسب ، ومن هنا كانت متعددة ومختلفة بحسب تعدد العلاقات واختلافها ، وهي تشمل الاقتصاد ، والحكم ، والسياسة ، والتعليم ، والعقوبات ، والمعاملات ، والبينات وغير ذلك . فإطلاق " النظام الاجتماعي " ، عليها لا وجه له ، ولا ينطبق عليها . وعلاوة على ذلك فإن كلمة " الاجتماعي " صفة للنظام ، فلا بد أن يكون هذا النظام موضوعاً لتنظيم المشاكل التي تنشأ عن الاجتماع ، أو للعلاقات الناشئة عن الاجتماع . واجتماع الرجل بالرجل ، والمرأة بالمرأة ، لا يحتاج إلى نظام لأنه لا تنشأ عنه مشاكل ، ولا تنشأ عنه علاقات تحتاج إلى نظام . وإنما يحتاج تنظيم المصالح بينهما إلى نظام ، من حيث كونهم يعيشون في بلاد واحدة ولو لم يجتمعوا . أما اجتماع الرجل بالمرأة ، والمرأة بالرجل ، فإنه هو الذي تنشأ عنه مشاكل تحتاج إلى تنظيم بنظام ، وتنشأ عنه علاقات تحتاج إلى التنظيم بنظام ، فكان هذا الاجتماع الأولى بأن يطلق عليه النظام الاجتماعي لأنه في حقيقته ينظم الاجتماع بين الرجل والمرأة ، وينظم العلاقات التي تنشأ عن هذا الاجتماع
تحميل الكتابتصفح الكتاب

0 commentaires:

إرسال تعليق

 
Top